كيف جرى “نهر الوفاء” الـ 12 ليصب في اليرموك؟
أمين أبوراشد
“بالعطاء يستمر الوفاء” ..
كان هذا العنوان هو الشاهد على المغامرة الفريدة. فعندما يضع المتبرعون في أعناقنا هذه الأمانة الصعبة والثقيلة لنوصلها إلى أهلنا في المخيمات الفلسطينية داخل سورية، والذين وصلت أحوالهم إلى حد الكارثة، نحملها بكل عزم على إيصالها رغم كل شيء.
ورغم ضبابية المواقف وقتامة الصورة؛ استطاعت “حملة الوفاء الأوروبية”، ذلك الصرح الذي شيده المخلصون من أبناء فلسطين، أن تسجل انتصاراً جديداً ونقطة تحول جديدة، وأيضاً حجة جديدة على كل من يدعي حرصه على فلسطينيي سوريا وعلى مخيم اليرموك وأهله دون أن يقدم شيئاً. حيث تخطت الحملة كل الصعوبات والعراقيل التي كانت ما تفتأ أن تذلل إلا ويوضع غيرها، لكن الإصرار والتوكل على الله والإخلاص في النية كان لابد أن تكون هذه نتيجته.
كانت قافلة “الوفاء الأوروبية الـ 12” ليست كسابقاتها من القوافل بكل المقاييس، لا سيما ما سبقها من إرهاصات وشائعات وإثارة للشبهات والاتهامات من هنا وهناك والتي كانت تلوث الأجواء وتعكر صفو العطاء، ولكن بفضل من الله؛ ثبت زور كل ما قيل وكل ما حيك، ودخلنا إلى سوريا محملين بأماناتنا وعلى رأسهم الوفد الأوروبي الذي مثل عدة دول أوروبية لنبعث بذلك رسالة يفهمها القاصي والداني أن المنافسة هنا في الميدان وليست في المؤتمرات والورشات ومنتجعات السياحة.
مغامرة الحملة هذه المرة كانت فريدة، من حيث التنظيم والتوزيع وحتى من حيث حجم المساعدات التي وصلت إلى اليرموك وخصوصا بعد فترة من التغيرات العميقة والأحداث المريرة التي مرت عليه في الآونة الأخيرة، والتي زادت صعوبة وتعقيد ايصال هذه المساعدات وأوصدت الكثير من أبواب الخير توجسا وخيفة.
ولأن الحملة كانت الشريان والأمل، فلم تنس النازحين والمشردين الذين انتهى بهم الحال إلى مراكز الإيواء المنتشرة في العاصمة دمشق، حيث مر بهم نهر الوفاء وقدم لهم الحنو والعطاء. كما سجلت الحملة اختراقا جديدا بوصولها إلى مخيم حطين للاجئين الفلسطينيين، ذلك المخيم الذي لم يسمع عنه الكثيرون كما لم يسمع صوت أهله حين استغاثوا، ولم تصل إليهم أي قوافل أو مساعدات من قبل وذلك لأنه يعتبر نقطة تماس ومعارك في حي برزة الدمشقي.
لأنها بالإخلاص والعمل اصبحت المعول والأمل، ولأن أهلنا مأساتهم كبيرة وهمومهم كثيرة؛ فإن حملة الوفاء تطلق مناشدة للمخلصين والباحثين عن السبيل أن يهبوا للمشاركة في العطاء. لنضع الأكف على الأكف نافضين غبار الشحناء والمشاحنة، عاملين معاً نصرة لدموع الأطفال وصرخات الشياب ونحيب النساء، لتتجمع فروع أنهار الخير والوفاء ويتوحد مصب العطاء.
ومن هنا أتوجه بالشكر والامتنان إلى كل من أعضاء الوفد الذي مثل دول: الدنمارك وهولندا وبلجيكا واوكرانيا والبرازيل. والذين حملوا أرواحهم على أكفهم خدمة لما يؤمنون به ونصرة لمن لم ينصرهم أبناء جلدتهم.
كما الشكر موصول إلى كل من ساهم وشارك في إنجاح هذه القافلة ولو بكلمة أو دعاء فكيف بمن تبرع وجاهد بماله. سائلين المولى عز وجل أن يثقل بها موازينه يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وأخيراً؛ كل الشكر إلى الجنود المجهولين الذين يعملون بصمت، وأخص بالذكر هنا كوادر حملة الوفاء الأوروبية في سوريا والذين لا يبدأ عملهم عند بداية القافلة ولا ينتهي بنهايتها، بل هم من يعمل بلا توقف وبلا كلل أو ملل لكي يبقى نهر الوفاء مستمر الجريان مهما قل أو كثر العطاء.
#فلسطينيو_سوريا_بين_نكبتين
#النكبة_مستمرة